الصفحة الرئيسية  متفرّقات

متفرّقات القلم الحر: استمرار التمييز والفصل العنصري... وصمت أو تخاذل المجتمع المدني والسلط الرسمية

نشر في  30 مارس 2016  (11:41)

 بقلم: عفيف البوني


شاهدت بغرابة واستياء في قناة فضائية تونسية يوم الجمعة الماضية اعترافات وشهادة امرأة تونسية فاضلة تروي كيف تعرضت لممارسات عنصرية بشكل دائم وكيف يمارس الفصل العنصري المقيت بشكل بشع حيث تعيش، و«جريمة» هذه المرأة أن بشرتها سوداء، وللعلم كانت بلادنا منذ 1846 قد بدأت وبتدرج التخلص من جريمة استعباد أو استرقاق البشر وخاصة السود ولم يسبقها في ذلك النهج إلاّ بريطانيا منذ 1836 وبعض دول غربية قليلة، ويعرف العارفون أن الوﻻيات المتحدة قد راسلت عبر ممثلها اليبلوماسي في تونس الباي أحمد باشا تستفسره عن كيفية توفقه في تحرير الحاملين للبشرة السوداء وأجاب شيوخ الدين باسمه إجابات متنورة.
إن العبودية ممارسة شاعت في كل اﻷديان والحضارات قديما وهي وصمة عار في الماضي أما اﻵن فهي من أفظع الجرائم بحق اﻹنسانية في المستوى العالمي، فكيف يسمح التونسيون بتواصل حدوث هذه الجريمة ونحن في 2016 ولنا دستور يمنع ويجرم التمييز والفصل العنصري ودولتنا مصادقة على كل اتفاقيات اﻷمم المتحدة في هذا الشأن؟
إن ما صرحت به تلك السيدة المحترمة يصدمني ويجب أن يصدم كل ذي عقل غير مختل، وما صدر عنها حول معاناتها هي وأمثالها يشكل إدانة مدوية لكل تونسي يقبل أو يصمت عن استمرار هذا العدوان على اﻹنسانية والجريمة تستمر بلا عقاب الى اليوم وهي جريمة ضد مجموعة من التونسيين في بلادنا من ذوي البشرة السوداء في منطقة ما بالجنوب التونسي أهلها البيض ﻻ يتقيدون بالدستور وﻻ بالقانون وﻻ بأخلاق وأعراف السلوك المسلمين التونسيين اﻵن.
لقد فضحت السيدة مبروكة جميع التونسيين خاصة المجتمع المدني بكل مكوناته وفضحت أيضا السلط المسؤولة: البرلمان والسلطة التنفيذية والقضائية والرأي العام، وشخصيا أشكرها وهي الضحية، وأقول لها وأنا ذو البشرة القمحية أنني أشعر بالخجل على هذا اﻹجرام وعلى صمت المسؤولين كما أخجل من نفسي كتونسي أن يستمر حدوث هذا اﻹجرام.
ولمن ﻻ يعلم ان مفهوم العنصرية القائم على التعصب العرقي يعكس الجهل وﻻ يعكس حقيقة بيولوجية فمفهوم البيض والسود مفهوم تعسفي ﻻيفيد صواب تقسيم النوع البشري على اساس قدراتهم الذهنية او الجسدية المختلفة من خلال حجم او نسبة إفراز مادة الميلانين وهي المتسببة في سواد او سمرة البشرة، فالقدرات اﻹبداعية متوفرة في البيض كما في السود، وفي الشقر كما الحمر، وفي الرجال والنساء متى توفرت الشروط اﻹجتماعية واﻹقتصادية والثقافية إلخ...
حين لا تمنع دولة بدستور يساوي بين الجميع في حقوق المواطنة، جريمة التمييز والفصل العنصري بل ولا تحاسب على انتهاك الكرامة البشرية، حينها تكون دولة بسلطة غير مدنية وغير ديمقراطية وبلا مجتمع مدني .